سورة النبأ - تفسير تفسير البغوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (النبأ)


        


{لا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلا شَرَابًا} روي عن ابن عباس: أن البرد النوم، ومثله قال الكسائي وقال أبو عبيدة، تقول العرب: منع البرد، البردَ أي أذهب البرد النوم. وقال الحسن وعطاء: {لا يذوقون فيها بردًا} أي: روحًا وراحة. وقال مقاتل: {لا يذوقون فيها بردًا} ينفعهم من حر، {ولا شرابًا} ينفعهم من عطش. {إِلا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا} قال ابن عباس: الغساق الزمهرير يحرقهم ببرده. وقيل: صديد أهل النار، وقد ذكرناه في سورة ص: {جَزَاءً وِفَاقًا} أي جزيناهم جزاء وافق أعمالهم. قال مقاتل: وافق العذاب الذنب، فلا ذنب أعظم من الشرك، ولا عذاب أعظم من النار. {إِنَّهُمْ كَانُوا لا يَرْجُونَ حِسَابًا} لا يخافون أن يحاسبوا، والمعنى: أنهم كانوا لا يؤمنون بالبعث ولا بأنهم محاسبون. {وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا} أي بما جاءت به الأنبياء {كِذَّابًا} تكذيبًا، قال الفراء: هي لغة يمانية فصيحة، يقولون في مصدر التفعيل فِعَّال وقال: قال لي أعرابي منهم على المروة يستفتيني: الحلق أحب إليك أم القِصَّار؟. {وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَابًا} أي وكل شيء من الأعمال بيَّناه في اللوح المحفوظ، كقوله: {وكل شيء أحصيناه في إمام مبين} [يس- 12].


{فَذُوقُوا} أي يقال لهم: فذوقوا، {فَلَنْ نزيدَكُمْ إِلا عَذَابًا} قوله عز وجل: {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا} فوزًا ونجاةً من النار، وقال الضحاك: متنزها. {حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا} يريد أشجار الجنة وثمارها. {وَكَوَاعِب} جواري نواهد قد تكعبت ثُدِيُّهُن، واحدتها كاعب، {أَتْرَابًا} مستويات في السن. {وَكَأْسًا دِهَاقًا} قال ابن عباس والحسن وقتادة وابن زيد: مترعة مملوءة. وقال سعيد بن جبير ومجاهد: متتابعة. قال عكرمة: صافية. {لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا} باطلا من الكلام {وَلا كِذَّابًا} تكذيبًا، لا يكذب بعضهم بعضًا. وقرأ الكسائي {كذابا} بالتخفيف مصدر كاذب كالمكاذبة، وقيل: هو الكذب. وقيل: هو بمعنى التكذيب كالمشدد. {جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً حِسَابًا} أي جازاهم جزاء وأعطاهم عطاء {حسابًا} أي: كافيًا وافيًا، يقال: أحسبت فلانًا، أي أعطيته ما يكفيه حتى قال حسبي. وقال ابن قتيبة: {عطاء حسابا} أي كثيرًا وقيل: هو جزاء بقدر أعمالهم. {رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الرَّحْمَنِ} قرأ أهل الحجاز، وأبو عمرو: {ربُّ} رفع على الاستئناف و{الرحمن} خبره. وقرأ الآخرون بالجر اتباعًا لقوله: {من ربك} وقرأ ابن عامر، وعاصم، ويعقوب: {الرحمنِ} جرًا اتباعًا لقوله: {رب السماوات} وقرأ الآخرون بالرفع، فحمزة والكسائي يقرآن {ربِّ} بالخفض لقربه من قوله: {جزاءً من ربك} ويقرآن {الرحمنُ} بالرفع لبعده منه على الاستئناف، وقوله: {لا يَمْلِكُونَ} في موضع رفع، خبره.
ومعنى {لا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا} قال مقاتل: لا يقدر الخلق على أن يكلموا الرب إلا بإذنه. وقال الكلبي: لا يملكون شفاعة إلا بإذنه.


{يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ} أي في ذلك اليوم {وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا} واختلفوا في هذا الروح، قال الشعبي والضحاك: هو جبريل.
وقال عطاء عن ابن عباس: {الروح} ملك من الملائكة ما خلق الله مخلوقًا أعظم منه، فإذا كان يوم القيامة قام وحده صفا وقامت الملائكة كلهم صفًا واحدا، فيكون عظم خلقه مثلهم.
وعن ابن مسعود قال: الروح ملك أعظم من السماوات ومن الجبال، ومن الملائكة وهو في السماء الرابعة، يسبح كل يوم اثني عشر ألف تسبيحة، يُخلق من كل تسبيحة ملك يجيء يوم القيامة صفا وحده.
وقال مجاهد، وقتادة، وأبو صالح: {الروح} خلق على صورة بني آدم ليسوا بناس يقومون صفًا والملائكة صفًا، هؤلاء جند وهؤلاء جند.
وروى مجاهد عن ابن عباس قال: هم خلق على صورة بني آدم وما ينزل من السماء ملك إلا معه واحد منهم.
وقال الحسن: هم بنو آدم. ورواه قتادة عن ابن عباس، وقال: هذا مما كان يكتمه ابن عباس.
{والملائكة صفا} قال الشعبي: هما سماطا رب العالمين، يوم يقوم سماط من الروح وسماط من الملائكة.
{لا يَتَكَلَّمُونَ إِلا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا} في الدنيا، أي حقًا. وقيل: قال: لا إله إلا الله.

1 | 2 | 3